رغم كل شيء…تمكن مجلس الوزراء من عقد جلسته اليوم بعدما طوقه العسكريون المتقاعدون المحتجون وطاردوا أعضاءه وحاولوا منع وصولهم إلى السراي.
لكن الغلبة كانت لإصرار رئيس الحكومة والوزراء على عقد الجلسة المستحيل فالتأمت بنصاب ستة عشر وزيرا إلى جانب رئيسهم.
وتطلب الأمر ما يشبه خطة أمنية فتحت لهؤلاء طريقا إلى السراي حيث كان على طاولة الجلسة جدول أعمال من خمسة وعشرين بندا تم إمرار واحد منها فقط هو المصادقة على موازنة 2024.
وعلى القدر نفسه من الأهمية عين مجلس الوزراء العميد حسان عودة رئيسا للأركان من خارج جدول الأعمال بعد مخاض طويل لملء هذا المركز الشاغر منذ شهور.
أما بند زيادة بدل الإنتاجية لموظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين فلم يكن مدرجا في جدول الأعمال وقد ضربت له جلسة خاصة السبت المقبل ريثما يكون قد خضع للمزيد من الدرس ولا سيما أن الحكومة محكومة بسقف معين من الإنفاق على حد تأكيد الرئيس نجيب ميقاتي.
وبتأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه وفدا فرنسيا المطلوب إلتزام كامل بالقرار 1701 وضرورة لتعزيز الجيش اللبناني عديدا وعدة والتعاون مع قوات اليونيفيل في الجنوب.
وفي ميدان الجنوب تكثيف للإعتداءات الإسرائيلية على البلدات الحدودية أسفرت عن سقوط جرحين باستهداف طائرة مسيرة لسيارة رباعية الدفع في مدينة النبطية قابلتها هجمات قوية للمقاومة إستهدفت بشكل خاص أهدافا في كريات شمونة وثكنة برانيت.
وقد اعترف جيش الإحتلال بوقوع إصابات في صفوف جنوده نتيجة هذه الإستهدافات.
وستكون التطورات عند الحدود الجنوبية في صلب زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت غدا.
العاصفة تهب ثلاث مرات في لبنان! ففي السياسة موضوع سجالي جديد أضيف الى المواضيع الخلافية في البلد.
حكومة تصريف الاعمال قررت تعيين رئيس للاركان، بعدما طرح رئيس الحكومة الموضوع من خارج جدول الاعمال. ومع انتهاء جلسة مجلس الوزراء، اعتبر وزير الدفاع ان ما حصل يشكل مخالفة قانونية ودستورية، فيما اعتبر رئيس التيار الوطني الحر ان الحكومة انتهكت الطائف . فهل ستتمكن الحكومة الميقاتية من مواجهة العاصفة السياسية الآتية تحت عنواني انتهاك الدستور وضرب حقوق المسيحيين؟
قبل ذلك ، كان العسكريون المتقاعدون يفجرون عاصفة من نوع آخر عبر نزولهم الى الشارع للمطالبة بحقوقهم، وكادوا يمنعون جلسة مجلس الوزراء من الانعقاد.
ولمواجهة النقمة العارمة اعلن رئيس الحكومة عن عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء السبت المقبل للبحث في القضايا المطلبية. فهل تستطيع الحكومة، في ظل الوضع الراهن، ان تقدم ما يرضي العسكريين والموظفين؟ ام انها تعقد جلسة استعراضية فولكلورية لاستيعاب مطالب المتظاهرين؟
الى العاصفتين السياسية والاجتماعية ، العاصفة الامنية في الجنوب مستمرة. فالغارات الاسرائيلية تواصلت كذلك القصف المدفعي، فيما تمكن حزب الله من اصابة قاعدة عسكرية في كريات شمونة.
من مقر قيادة اللواء الشرقي التابع لفرقة الجليل في كريات شمونة، الى معالي غولان وثكنة برانيت، وصلت صواريخ المقاومة الاسلامية كرسائل يومية دعما لغزة واهلها وردا مؤلما على العدوانية الصهيونية . فكانت الاصابات دقيقة ومحققة، لم يستطع العدو التستر كعادته على خسائره فاعترف باصابات حرجة لجنوده بينهم ضابط كبير..
وردا على استهداف القرى والمنازل المدنية في لبنان، كان سلاح المقاومة المناسب مصوبا الى مبنى في مستعمرة المطلة – يتموضع فيه جنود صهاينة ، فاصابوه اصابة مباشرة، واوقعوا عنتريات قادته المتعالية عند الحدود الشمالية ، كاشفين حقيقتها المتقلبة بين التضليل لمستوطنيهم والتهويل الفارغ ضد اللبنانيين..
ومع ضربات المقاومة الموجعة حاول العدو التمادي بالعدوان فوصل بطائراته المسيرة الى مدينة النبطية مستهدفا سيارة مدنية، وموقعا جريحين احدهما بحال حرجة. وهو يعلم ان هذا لن يحميه من الرد القادم لا محالة على كل جريمة او اعتداء..
عدو يحتمي بالوقت عسى ان يستنقذ به بعض الهيبة، فيما الصورة الواضحة للجميع افلاس قيادته السياسية والعسكرية في ميادين النزال، ومحاولة الهروب من النتيجة الحتمية التي ستصل اليها مهما كابرت وامعنت بالقتل والاجرام: وهي وقف الحرب على غزة ..
ومع وقوف يبنيامين نتنياهو وشركائه على رؤوس اصابعهم فوق منابر التهديد والتصعيد، الا انهم لم يرفضوا المفاوضات التي تشهد القاهرة اليوم على احدى جولاتها، في تاكيد على نفاقه في محاولة لحماية نفسه من اصدقائه الاعداء داخل حكومته،فيما الاميركي العامل على تبريد رؤوس الاسرائيليين الحامية لاستنقاذهم من خياراتهم يتدخل ضاغطا على الفلسطينيين في ظل السباق مع الوقت..
اما مواقيت المقاومين فمعقودة على نبض غزة، يشيعون شهداءهم كما الشهيد القائد ابو باقر الساعدي في العراق مع
التأكيد على المضي في ضرب الاميركي نصرة لغزة واهلها، وكحال اهل لبنان الذين يشيعون شهداءهم المقاومين والمدنيين ويدهم على الزناد، فيما الزنود السمر لليمنيين الاشراف تلاطم البوارج الاميركية والبريطانية وكل ساع لامداد الحكومة الصهيونية، مرددة مع قائدها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لازمة الا تراجع عن نصرة غزة مهما غلت التضحيات..
يبدو ان الصفقة بين إسرائيل وحماس لم تسقط ، لكن إنضاجها ليس مسالة أيام، بل تحتاج إلى أسابيع، وهذا ما لقي شبه إجماع بين ابرز المعنيين بها أي اسرائيل وحماس والولايات المتحدة الأميركية، فالأولوية عند تل ابيب: رفح. والأولوية عن واشنطن الرد على من استهدف جنودها في المنطقة .
جبهة رفح بدأت تشهد بعض الحماوة ، ومساء أمس اغتالت اميركا أبو باقر الساعدي أحد أبرز قيادات كتائب حزب الله العراقية واثنين من مساعديه، في منطقة المشتل، جنوب شرق العاصمة بغداد، وفي جنوب لبنان إستهداف بمسيرة لسيارة في النبطية سقط فيها قادة ميدانيون جرحى من حزب الله ، والعملية تمت شمال نهر الليطاني ، بما يمكن اعتباره خرقا للقرار 1701 وكذلك لقواعد الاشتباك التي كان معمولا بها .
من رفح الى العراق إلى جنوب لبنان ، عادت الكلمة للميدان ، ولم يعد ملف الأسرى والهدنة في المقدمة كما كان أمس، حتى عملية العراق.
في الحركة الديبلوماسية، وزير خارجية إيران سيجري مطلع الأسبوع المقبل جولة تشمل سورية ولبنان وقطر، والملاحظ أنها ليست المرة الأولى التي يجول فيها عبد اللهيان في هذه الدول منذ السابع من تشرين الأول الفائت.
بأسلوب الغدر من فوق ارتفعت إسرائيل عن سطح الحدود وتوغلت الى عمق ثمانية وثلاثين كيلومترا شمالي الليطاني لتضرب بوابة حسن كامل الصباح شهيد عبقريته وتفتح شارعه المؤدي إلى مدينة النبطية على سوق الدم وقبل سقوط النهار كانت المسيرة الاسرائيلية تلاحق عناصر من فرقة الرضوان الذين تمكنوا من رصد الاشارة والخروج من السيارة.
لكن الاستهداف اسفر عن سقوط جريحين أحدهما في حالة حرجة، فيما اعلن جيش العدو انه اغتال قياديا في حزب الله مسؤولا عن اطلاق الصواريخ على كريات شمونة ولم تؤكد المقاومة ايا من هذه الانباء حتى الساعة.
وجريمة النبطية مكتملة الأركان في خرقها الفاضح للقرار 1701 تزامنت وجولة لوفد دبلوماسي أمني فرنسي على المسؤولين اللبنانيين في مهمة ملحقة بزيارة وزير الخارجية الفرنسي للبحث بالوضع في جنوب لبنان ولفصل المسار الرئاسي عن الميدان “الغزي” لكن المهمة علقت في دبلوماسية الأخذ بلا رد من اسرائيل لتتقدم رئاسة الأركان على التشكيل السياسي وتفرض نفسها بندا من خارج جدول الأعمال على جلسة مجلس الوزراء وبمسيرة محمولة على دراسة قانونية مجهزة بمضادات أرضية لألغام.
وزير الدفاع موريس سليم جرى تعيين الضرورة بعد ترفيع العميد حسان عودة إلى رتبة لواء ليملأ شغور رئاسة الأركان في المجلس العسكري. غاب وزير الدفاع عن الجلسة وحضرت ملائكته الى محيط السراي فأقفلت مداخلها ومع أحقية المطالب المرفوعة لحسن سير الحياة، فإن الحراك غب الطلب السياسي أفسد في الحق قضية ووضع أبناء المؤسسة العسكرية من متقاعدين وقيد الخدمة في مواجهة بعضهم البعض بعدما عمد المحتجون الى نصب كمين لمنع وصول الوزراء إلى الجلسة ما دفع بهؤلاء إلى التسلل خلف خطوط العسكريين المتقاعدين والاستعانة بالمدرعات للوصول إلى السرايا.
وبعد الجلسة ادلى سليم بافادته نافيا ان يكون اقترح اي اسماء للتعيينات العسكرية انسجاما مع رغبة عارمة رسمية وسياسية وروحية في عدم اجراء اي تعيين في الوظائف الشاغرة في غياب رئيس الجمهورية تنحى وزير الدفاع عن دوره فلا حضر ولا شارك بالتسمية لكنه تخصص فقط بالاعتراض، وما لم يدل به موريس سليم جيره للوزير الاصيل جبران باسيل الذي قاد ثورة افتراضية على منصة اكس واعلن اعتزامه اعتقال رئيس الحكومة لمدة لا تقل عن سبع سنوات وفقا للمادة 306 من قانون العقوبات, مناشدا ستة وعشرين نائبا ان يتبرعوا للمؤازرة وتقديم طلب اتهام بموجب عريضة تقدم للمجلس النيابي.
وباسيل الذي يطوق الحكومة ويمنع وزراءه من الحضور تحت طائلة اتخاذ اجراءات عقابية.. يهدد اليوم بالعقوبات والسجن، ولو اتبعت السلطات المتعاقبة هذا الاسلوب معه منذ وصوله الى السلطة، لقضى معظم سنواته وراء القبضان وفقا للمواد نفسها التي ادعى بها اليوم وعلى وعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بجلسة تعويض للعسكريين وموظفي القطاع العام, ضرب أهالي ضحايا تفجير المرفأ موعدا أسبوعيا للاعتصام والمطالبة باستكمال التحقيق وبكف يد السياسيين عن الملف وعن القضاء.
وأمام المشهد الثابت على أزماته التقط المرصد اللبناني تهديدا إسرائيليا جديدا بقول قائد سلاح الجو في جيش الاحتلال إن عشرات من طائراتنا تنشط في أجواء جنوب لبنان وعند الحاجة ستتحول إلى مئات ومن يهدد من الجو لا يجرؤ على النزول إلى الأرض حيث اليد العليا للمقاومة في الجنوب كما في غزة والتهديدات الإسرائيلية لا تلتقي ومسار التفاوض واتفاق الإطار الذي وضعته المقاومة الفلسطينية بعهدة الوسطاء, وحمله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب وسلمه باليد لبنيامين نتنياهو الذي يتمنع عن قبول الاقتراح وهو راغب وهو في موقف العاجز ينتظر نتائج زيارة الوفد الحمساوي إلى القاهرة.
ما كان الأميركي ليتراجع خطوة إلى الوراء إلا بعدما وضعت المملكة العربية السعودية الأمور في نصابها وأبلغت الإدارة الأميركية بلاءاتها على السير في مسار التطبيع ما لم يتم إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب الجيش من القطاع وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.