صفقة التبادل واقع قريب

وفاء بهاني

الحرب مستمرة دون أن تلوح نهاية قريبة للعدوان، ورغم أن العبء الثقيل يقع على الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وحصار ونقص في الغذاء والدواء، ورغم تسطير رجال المقاومة من بطولات تكبّد الكيان الصهيوني خسائر كبيرة في العدة والعتاد، إلا أنه يتعدّى حدودنا ليطال الإقليم والعالم، وهو ما دفع إلى عقد اجتماع في باريس، الذي جمع رؤساء المخابرات الصهيونية والمصرية والأميركية، إلى جانب رئيس الحكومة القطرية، بهدف وضع خارطة طريق لتبادل الأسرى والهدنة وإنهاء الحرب، وربما التوصل إلى تسوية.
بداية هناك تناقضات صعبة التوفيق بينها في محاولة رسم خريطة الطريق. فقد حدّدت الحكومة الصهيونية هدفاً للحرب يتمثل في القضاء على حماس، ولكنها مضطرة للتفاوض مع حماس للإفراج عن أسراها، على الرغم من أنها كانت تهدف في البداية إلى الوصول إليهم وتحريرهم سواء كانوا أحياء أو قتلى بالقوة العسكرية، إلا أنّ طول الحرب وآثارها جعلت الكيان الصهيوني يلتزم بالتفاوض سابقاً للحصول على هدنة وتبادل، واليوم للتفاوض من أجل تبادل وهدنة طويلة.
في الأشهر الأخيرة، انتشرت الشائعات والأخبار حول المفاوضات، حيث ذُكرت فترات هدن تتراوح بين أسبوعين وشهر وشهرين، دون تحقق أي شيء من ذلك. ويشتدّ الضغط الداخلي في الكيان الصهيوني للإفراج عن أسراهم أحياء، وليس في التوابيت.
ونهاية، وصلنا إلى اجتماع باريس، ويجب القول إنه أتى بعد اجتماعات مماثلة في العديد من عواصم أوروبا، لكنها لم تسفر عن النتائج المرجوة. والآن، تشير المعلومات المتاحة حول القمة الاستخبارية في باريس إلى التالي، وفقاً لتقارير إعلام صهيوني.
وفقاً للصحافي السياسي في موقع «والا» ومواقع أميركية، باراك رافيد، فإنّ الخطة التي ستُقدّم لحماس تتضمّن إطلاق سراح 40 أسيراً مقابل 6 أسابيع من التهدئة في المرحلة الأولى، تليها مفاوضات حول استمرار الصفقة. وفي المرحلة الأولى، سيتم إطلاق سراح النساء والرجال الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً والمختطفين الذين يعانون من حالات صحية خطيرة.
تُوصف الخطوات المقبلة أنها تفاوض منفصل، وفي الوقت نفسه، أكد رئيس وزراء قطر أنّ هناك تقدماً في المفاوضات، وردّ على انتقادات نتنياهو بقوله: «نأتي بنتائج ولا نستغلها لأغراض سياسية».
أثناء الاجتماع في باريس تمّ الاتفاق على مخطط يتألف من ثلاث مراحل سيتمّ تقديمه إلى حماس. في المرحلة الأولى، سيتمّ إطلاق سراح 35-40 مختطفاً صهيونياً، بمن فيهم النساء والرجال فوق 60 عاماً والمختطفين في حالة طبية خطيرة. ويتضمّن الاتفاق هدنة لمدة ستة أسابيع في القتال وإطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين، وفقاً لمسؤولين صهاينة وقطريين.
ناقشت الحكومة الصهيونية تفاصيل المخطط أول أمس، ويبدو أنع من الصعب على نتنياهو أن يضع عرقلة أمام الخطة التي شارك في إعدادها ليس فقط رئيس الموساد ولكن أيضاً رئيس الشاباك.
في الخطة التي تمّ تقديمها، جرى التركيز على تفصيل المرحلة الأولى فقط، بينما وُصِفت المرحلتان التاليتان بشكل عام بهدف إجراء مفاوضات منفصلة حولهما خلال الأسبوع السادس من فترة التوقف. يهدف ذلك إلى دخول المرحلة الأولى والإعلان عن المرحلتين الأخريين دون تفاصيل دقيقة، وفقاً لمسؤول صهيوني رفيع المستوى. وتشمل المرحلة الثانية من الصفقة إطلاق سراح الجنود والمدنيين الذين تقلّ أعمارهم عن 60 عاماً، بينما تتضمّن المرحلة الثالثة نقل جثث الأسرى لدى حماس. وسيتمّ تحديد «مفتاح» مختلف لعدد الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم مقابل كلّ أسير صهيوني في كلّ مرحلة. ولم يتمّ تحديد مدة الهدنة في المرحلتين الثانية والثالثة بعد، ومن المتوقع تحديدها خلال المفاوضات، إلا أنّ تقديرات مسؤولين صهاينة كبار تشير إلى أنها ستكون أسابيع طويلة من الهدنة.
وأكد مسؤول قطري ومسؤول صهيوني لموقع «والا» أنه سيتمّ عقد اجتماع في القاهرة في الأيام المقبلة مع قادة حماس البارزين لمناقشة التفاصيل الجديدة للخطة. وقال مسؤول صهيوني: «الاختبار الكبير للقطريين الآن هو إقناع حماس بالموافقة على بدء الحديث عن التفاصيل».
في الوقت نفسه، قال رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في فعالية المجلس الأطلسي» في واشنطن: «لقد أحرزنا تقدّماً في المفاوضات ونحن في مكان أفضل مما كنا عليه قبل بضعة أسابيع. ونأمل أن يؤدّي التوصل إلى اتفاق إلى إطلاق سراح الرهائن ووقف القصف في غزة ووقف قتل المدنيين».
أضاف قائلاً: «لقد تمّ تحقيق تقدم في بناء أساس لاستمرار المفاوضات. وسننقل الاقتراح إلى حماس ونأمل أن توافق على التفاوض بطريقة بناءة».
كما أكد رئيس الوزراء القطري أنه من المستحيل معاقبة شعب غزة على أفعال مجموعة المقاومة الصغيرة. إذا لم يؤد هذا الاتفاق إلى تحقيق تقدم، فسنكون مضطرين إلى استكشاف خيارات أخرى. نحن وسطاء، ولسنا طرفاً في الصراع. الإطار الذي اتفقنا عليه يعتمد على مواقف كلّ من الصهاينة وحماس، ونحن نسعى جاهدين للوصول إلى اتفاق». وأضاف أنه «يتلقى بشكل متكرّر تقارير حول قدرة قطر على ممارسة الضغط على حماس. مهمتنا تتمثل في التوسط والضغط على الطرفين من خلال الحوار واللقاءات وتقديم الاقتراحات. ولكننا لا نرى أن قطر قادرة على فرض أيّ شيء على أيّ طرف من الطرفين، بل نحاول تقديم الدعم وسدّ الفجوات…

Technische entwicklungen technik tussi. Saúde e bem estar.